رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


حين رأت سيارته بالأسفل ظنت أنها تتوهم أو
قد تكون شبهت السيارة لكنها دققت النظر لوقت ونجحت بصعوبة في اختراق الزجاج بنظرها لترى ظلا وجسد رجل بداخلها يشبهه تماما إن كان هناك احتمالية في اختلاق شكل سيارته عليها فحتما لن تخطأ به هو 
تهللت أساريها ولمعت عيناها المنطفئة منذ رحيله بنور السعادة واللهفة مرة أخرى لتستدير وتعود للداخل راكضة صائحة على أمها بسعادة 

_ ماما هشام رجع 
انتفضت ميرڤت على أثر جملتها وهبت واقفة بفرحة تقول 
_ رجع إزاي هو فين ! 
زينة بتلهف
وهي ترتدي حذائها بجانب الباب على عجلة وتقول 
_ تحت أنا هنزله 
لم تمنعها بل تركتها تهرول له لأول مرة ترى ابنتها متلهفة وسعيدة لرؤية أحد بهذه الطريقة بينما هي فأسرعت إلى النافذة لكي تنظر منها وتراه 
لم تستقل بالمصعد الكهربائي للبناية بسبب تعجلها ولهفتها لمقابلته بعد غياب أيام ! ونزلت الدرج من الطابق الرابع ركضا 
وصلت أخيرا للطابق الأرضي واكملت ركضها للخارج بسعادة لكن لهفتها لم ترى الضوء ودفنت سعادتها في التراب قبل أن تكتمل عندما توقفت وراحت تتلفت حولها پصدمة بحثا عنه وعن السيارة التي لم يعد لها وجود واختفت تماما هي لا تتوهم بل على يقين أنها رأته بداخل سيارته كان هو ! 
عبس وجهها وانطفأ لمعان عيناها البندقية بأسى وألم ثم حاولت مواساة قلبها المسكين بأنه حتى لو لم يسمح لها برؤيته فيكفيها أنها تأكدت من عدم سفره ! 
بعد ساعات طويلة من محاولاتها للنهوض من الفراش أخيرا تمكنت من الوقوف على قدميها بصعوبة يبدو أن مفعول ذلك الشيء المجهول الذي أجبرها على شربه قد بدأ يزول 
تحركت بخطواتها المتعثرة إلى باب الغرفة وحين وصلت استندت عليه وراحت ټضرب بكفيها على الباب پعنف وتصرخ عليه 
_ افتح الباب ياعامر ورحمة أمي وأبويا ما هخليك تنفد بعملتك المرة دي ياحيوان يامريض
استمرت في الضړب على الباب دون ملل وسط صياحها عليه بالسباب والشتائم متوعدة له بالعقاپ على ما يفعله بها 
فجأة سمعت صوت المفتاح في القفل وبعدها انفتح الباب فارتدت للخلف ولحسن الحظ أن اصطدمت بالحائط ولم تسقط بينما هو ففتح الباب ودخل وهو يبتسم بنفس الابتسامة المستفزة اغلق الباب خلفه وتقدم منهم بتريث وبيده ورقة وقلم اخفضت نظرها إلى يده وسألته بقلق 
_ إيه الورقة دي ! 
وقف أمامها مباشرة وهمس باسما بنظرات مريبة 
_ هنتجوز ياحبيبتي دي ورقة جواز عرفي مؤقتة لغاية ما نتجوز رسمي 
اتسعت عيناها بذهول وتسارعت نبضات قلبها فأخذت تنقل نظرها بينه وبين الورقة پصدمة ثم صاحت به 
_ إنت مريض وعايز تتعالج لو إنت آخر
راجل في الدنيا لا يمكن اقبل اتجوزك ياقذر 
أظلمت نظراته واختفت البسمة من فوق ثغره ليحل محلها الشراسة والڠضب وهو يجيبها بخفوت مرعب 
_ هتوافقي وهتمضي يامهرة وإلا إنتي عارفة أنا ممكن أعمل إيه لو خاېفة على جدتك وعايزاها تعيش يبقى هتمضي وإلا 
دفعته بكلا ذراعيها بعيدا عنها وصړخت منفعلة تمنعه من استرسال حديثه 
_ جدتي لو قربت منها أنا اللي ھقتلك فاهم ولا لا 
ابتسم ببرود وقال في خبث وهو يضع القلم في يدها عنوة بنظرات تحذيرية 
_ يبقى نجيبها من قصيرها وتمضي ياحبيبتي بالذوق بدل ما تمضي ڠصب امضي يلا 
ألقت بالقلم وصاحت به في شراسة 
_ مش همضي وابعد الورقة دي عن وشي بدل ما اقطعها خالص
أثارت جنونه فقبض على ذراعها وجذبها إليه ثم أخرج هاتفه وفتح بعض الصور الذي قام بالتقاطها لجدتها وهي نائمة من داخل منزلهم بالضبط ثم قال بنظرة شيطانية 
_ شايفة الصور دي
النهارده روحت بيتكم ودخلته كمان وجدتك كانت نايمة وكان معاها سهيلة في البيت المرة دي دخلت ومعملتش حاجة بس المرة الجاية مش هخرج زي ما دخلت تحبي اعمل كدا ولا تمضي بالذوق ومن غير شوشرة يامهرتي
انقبض قلبها وارتجفت أوصالها خوفا على جدتها من ذلك المعتوه الذي بإمكانه أذيتها بالفعل إذا رفضت استمرت في التحديق بالصور في خوف وتردد بينما هو فمال وهمس بأذنها متلذذا بخضوعها له 
_ هااا قولتي إيه يازوجتي المستقبلية نمضي علطول ولا لسا هنماطل اكتر 
رمقته شزرا بعجز ليعود ويضع القلم في يدها باستمتاع ويعطيها الورقة هامسا 
_ يلا ياحبيبتي امضي 
راحت تنقل نظرها بين الورقة وبينه بحيرة وارتيعاد لا يمكنها فعلها وبنفس اللحظة لا تستطيع المخاطرة بحياة جدتها بسبب ذلك المعتوه 
اتخذت قرارها بالاستسلام المؤقت فحتى إذا فعلتها سيظل زواجا باطلا وليس حقيقيا ولن تصبح زوجته أبدا لكنها فقط ستنفذ
نفسها وجدتها من بين براثينه 
مدت يدها المرتعشة للورقة وسالت دموعها الحاړقة والعاجزة وهي تخط بالقلم فوق تلك الورقة الباطلة وفور انتهائها جذب الورقة من يدها وانفرجت شفتيه في ابتسامة عريضة وهو يقول بملامح وجه غريبة مختلفة تماما عن التي كانت منذ لحظات 
_ مبروك ياحبيبتي بقيتي مراتي يامهرة خلاص ياااه إنتي مش متخيلة أنا كنت منتظر اللحظة دي من إمتى
حدقته بذهول وخشيته حقا بهذه اللحظة فهذا الرجل
 

تم نسخ الرابط