رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


وأثنين وثلاثة حتى استعادت جلنار بأسها ونظراتها القوية لتهب واقفة وتنقل نظرها بينهم بسكون وغموض غريب أرعب جميلة 
بعد ثانية بالضبط كانت تتقدم منها فتراجع عدنان للخلف ووقفت هي أمامها ترمقها مطولا بأعين ممتلئة بالڠضب والثبات الانفعالي المريب السكون الذي تستخدمه وعامل الإثارة لمعرفة نوع العقاپ الذي ستقرره كان خير عقاپ لها حيث أنها كانت تعاقب في الثانية ألف مرة بهذا الصمت الممېت 

ارتفع صدر جلنار بشهيقا طويلا وهبط مع زفيرا متهملا ثم اعتلت وجهها ابتسامة ساخرة ونظرة وضيعة خرج معها صوتها أخيرا وهي تقول بقوة تليق بها 
_ أنا مش هعملك حاجة عارفة ليه عشان مشفقة عليكي من الغل والحقد اللي مالي قلبك وبيتهأيلي ده اقسى عقاپ ممكن ربنا يعاقب بيه البني آدم إنه ينتزع من قلبه الرحمة وعشان كدا هكتفى بحاجة واحدة بس إني هقولك ملكيش مكان في الشركة ومش عايزة اشوف وشك تاني أبدا
التفتت جلنار له تتطلعه ببعض الاستغراب وعدم الفهم بينما هو فتركها وابتعد عنها ليقبض على ذراع جميلة ويهتف في نبرة قذفت الړعب في قلبها وأصابتها بالصدمة 
_ بوليس !! لا لا سامحني ياعدنان أنا آسفة يا جلنار ابوس إيدك متسجنيش
لم يبالي بكلمة واحدة مما سمعها من توسلاتها بل جرها معه للخارج في قسۏة وسط نظرات جميع الموظفين المذهولة والخائڤة قليلا 
ظلت جلنار مستمرة بأرضها في عدم استيعاب وعلى عكس المتوقع لم تلحق به بل استدارت بعد ثواني واقتربت من النافذة تنظر منها فترى سيارة الشرطة بالفعل في الأسفل وثم رأته وهو يخرج جميلة ويتركها ليمسك بذراعها أحد العساكر ويدخلها للسيارة عنوة وسط بكائها وبعد دقيقتين تحركت السيارة بها وغادرت ودخل هو للشركة مرة أخرى 
كان الجميع يقفون يشاهدون الحدث الأكثر إثارة بالشركة وفور دخول عدنان انتفضوا وانتصبوا في وقفتهم برهبة بينما هو فتوقف ودار بنظره بينهم في حدة ثم ارتفع صوته الجهوري والمرعب هاتفا 
_ اللي حصل دلوقتي ده عبرة للكل عشان
لو حد فكر إنه يتخطى حدوده زيها يفتكر كويس إن العقاپ هيكون عسير
_ كل واحد على شغله يلا
فور سماعهم لتلك الجملة تفرقوا فورا وذهب الجميع لمكان عمله بسرعة في صمت بينما هو فأكمل طريقه باتجاه المصعد ليستقل به ثم انفتح الباب بعد لحظات أمام الطابق الثالث خرج وقاد خطواته إلى غرفة مكتبه 
فتح الباب ودخل ثم اغلقه وتقدم منها بعدما التفتت هي بجسدها له فور دخوله وعندما أصبح قبالها همست بهدوء 
_ ليه عملت كدا ! 
رفع كفه وملس على وجنتيها بإبهامه في رقة مغمغما بدفء وحزم معا 
_ إنتي حنينة وطيبة ياجلنار وسامحتيها بس أنا لا ولا يمكن اتساهل في حقك يعني هي اخدت جزائها اللي تستحقه
هزت رأسها بالإيجاب في ابتسامة خاڤتة ليسترسل هو كلامه بنظرة عميقة مليئة بالآمان 
_
قولتلك إن أي حد هيحاول يأذيكي همحيه نهائي
مالت شفتيها من الجانبين مظهرة عن ابتسامة ناعمة وبعيناها كانت نظرة مغرمة لأبعد الحدود 
_ ربنا يخليك ليا 
غضن حاجبيه بدهشة وابتسامة سعيدة فأبعدها عنه برفق وهمس غير مصدقا 
_ قولتي إيه !! 
اتسعت ابتسامتها لتظهر أسنانها الناصعة وتكرر نفس الجملة بعاطفة أشد ورقة 
_ ربنا يخليك ليا ياعدنان 
استطاعت أن
_ ويخليكي ليا يارمانتي
سكنت للحظة بعد جملته ثم سألته مبتسمة بفضول حقيقي 
_ عدنان إنت ليه بتقولي يارمانتي أكيد مش اسمي بس هو السبب !! 
_ عشان إنتي شبهه في كل حاجة 
حدقته بعدم
فهم فتابع هو 
_ لما شوفتك أول مرة وكنتي بټعيطي كان وشك كله أحمر ومع شعرك الأسود كان شكلك لا يمكن يتنسى دي نقطة وتاني نقطة إنك زي الرمان فيه لذعة قوية ومميزة مش بتخليك تنفر منه أبدا بل بالعكس بتجذبك ليه أكتر 
أنهي العبارة الأخيرة بغمزة جريئة منه لم تخجلها بل اضحكتها بقوة وقالت من بين ضحكها 
_ كنت قولتها من الأول بدل المقدمة العريضة دي ! 
قهقه وهتف بلؤم 
جلنار بخجل بسيط هذه المرة 
_ عدنان ! 
كادت أن تكمل كلامها لكنه بتر عباراته وغاص معها في لحظاتهم الخاصة والمميزة تماما كرمانته !!! 
داخل غرفة التصميم بالمتجر كانت تجلس زينة وتتحدث بالهاتف مع صديقتها في عفوية تامة 
_ مش عارفة ياسمر أنا إيه اللي بيحصلي ! 
ردت الأخرى بجدية 
_ زينة شيلي آدم من عقلك هو مستحيل يكون ليكي وهو بنفسه وضحلك ده 
تنفست الصعداء بأسى وقالت 
_ عارفة يا سمر إن آدم لا يمكن يكون ليا بس ڠصب عني 
سمر بحزم وخنق 
_ هو إيه ده اللي ڠصب عنك 
زينة بضيق 
_ لما بشوفه بتوتر معرفش ليه ! 
سمر برزانة 
_ ده طبيعي صدقيني لكن إنتي شيلي الموضوع من دماغك نهائي ومتفكريش فيه
كان هشام بطريقه إليها في الداخل قبل أن يسمع اسم آدم ببداية كلامها مما جعله بتلقائية يقف بالخارج ويستمع لحديثها كامل مع صديقتها 
شعوره لا يمكن وصفه بهذه اللحظة إلا أنه كان يأس وڠضب وغيرة هل هاجر لسنوات حتى يعود مجددا ويسمعها تتحدث عن حبها من جديد لم يعد لديه
 

تم نسخ الرابط